أول ظهور لأم فارس

غاب عن العيون، لكنّه لم يغب عن القلوب. ترك وراءه فراغًا لا يُقاس، وصدى لا يخفت، وذاكرة متقدة لا تنطفئ. كل من عرفه، حتى لمامًا، يشعر أن جزءًا منه ما زال يدور في هذا المكان… كأن الهواء لا يزال يحمل صوته، وكأن الجدران لم تجرؤ بعد على تقبّل غيابه.

لم يكن عاديًا. كان النور حين يحلّ، والابتسامة حين تصعب، والسند في لحظات الانهيار. عاش ببساطة، لكنه ملأ حياة من حوله عمقًا ودفئًا، رحل بصمت، لكنه ترك وراءه ضجيجًا لا يُسكَت.

في لحظة واحدة، تغيّر كل شيء. الحضور تحوّل إلى ذكرى، والصوت صار دعاء، والمكان بات شاهداً على شخص لم يعد هنا بجسده، لكنه يسكن الأرواح التي أحبته، وما زالت تفتقده.

اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، واجعل نوره لا ينطفئ، وبلّغ روحه سلام من اشتاق إليه، واملأ مقامه رضا وطمأنينة.
ادعوا له بالرحمة، فهو الآن بين يدي أرحم الراحمين، وأحق ما نمنحه له هو الدعاء الصادق.

رحل من الدنيا، لكنّه لم يرحل من قلوبنا، وسيظل حيًا في كل دعوة، وكل دمعة، وكل لحظة نذكر فيها اسمه.