وفاة نجمة مسلسل نسيبتي العزيزة
في صباحٍ ثقيل يشبه صمت المسارح بعد انتهاء العرض، رحلت الفنانة الجزائرية الكبيرة بية بوزار، تاركة خلفها مساحة واسعة من الحنين، وذاكرة لا يمكن محوها من قلوب الجمهور الذي رافقها لسنوات طويلة. كانت بية واحدة من تلك الوجوه التي لا تحتاج إلى تقديم، حضورها وحده كافٍ ليمنح الشاشة روحًا، والمشهد حرارة، والضحكة صدقًا نادرًا.
نجمة صنعت جمهورها قبل أن يصنعها الفن
لم تكن بية مجرد ممثلة تؤدي أدوارها، بل كانت حالة فنية خاصة. امرأة استطاعت أن تلوّن حياة الناس ببساطتها وقربها منهم، وأن تجمع بين خفة الظل وعمق الموهبة. كل ظهور لها كان يشبه صديقة تدخل بيت المشاهد دون استئذان… لأنها ببساطة كانت جزءًا من هذا البيت.
عرفها الجمهور الجزائري والعربي في عدد من الأعمال التي حوّلتها إلى اسم راسخ في الفن المغاربي، وشاركها التونسيون حبًّا خاصًا بعد حضورها في أعمال تُعد اليوم جزءًا من الذاكرة الجماعية.
امرأة كانت أكبر من الشهرة
بعيدًا عن الكاميرا، كانت بية بوزار إنسانة محبّة للحياة، قوية في مواجهة المرض، وهادئة في مواجهة الأيام. لم تبحث يومًا عن الأضواء، بل كانت الأضواء هي من تبحث عنها. تركت أثراً أينما حلّت، وقدمت جيلاً جديدًا من الممثلات اللواتي رأين فيها مدرسة كاملة في الصدق والبساطة.
رحيل يوجع… ويمتد أثره
خبر وفاتها لم يكن مجرد حدث، بل كان صدمة للوسط الفني ولجمهورها في كل مكان. رحلت بية، لكن بقيت الضحكة التي زرعتها، والمشاهد التي حفظها الناس عن ظهر قلب، والصلابة التي أظهرتها رغم كل الظروف. بقيت “المرأة التي تشبه الوطن” في دفئها وقربها وبساطتها.
وداعًا بية…
وداعًا للوجه الذي اعتدنا أن يخفّف ثقل الأيام.
وداعًا لصوتٍ كان يدخل بيوت الناس كأنه فرد من العائلة.
وداعًا لفنانة لم تكن تحتاج إلى بطولة كي تكون بطلة المشهد.
رحيلك مؤلم يا بية، لكن حضورك باقٍ… في الذاكرة، في الشاشة، وفي القلوب التي أحبّتك دون شروط.
نسأل الله أن يتغمدك برحمته الواسعة، وأن يجعل مثواك الجنة، فقد تركتِ خلفك ما يشهد لك: فنّ نقي… وقلوب ممتلئة بالدعاء.