الڨصرين: معلمة تبيع صياغتها و تشتري الأدوات المدرسية لتفرقها على تلاميذ المعوزين
في مدينة القصرين، جسّدت معلمة من خيرة المربيات أسمى معاني التضحية والعطاء، حين قررت بيع صياغتها الخاصة لتتمكن من شراء الأدوات المدرسية لتلاميذها من أبناء العائلات المعوزة. هذه المبادرة الإنسانية لاقت تفاعلًا كبيرًا، إذ اعتبرها الكثيرون فعلًا نادرًا يجسّد الوفاء لمهنة التعليم ويعكس الرحمة التي يجب أن يحملها كل مربّ تجاه أبنائه التلاميذ.
المعلمة لم تفكر في نفسها ولا في قيمة ما تملكه من ذهب، بل وضعت مصلحة أطفالها أولًا. فهي تعلم أن بعضهم قد يُحرم من متعة العودة المدرسية مثل بقية أقرانهم بسبب ضعف إمكانيات أوليائهم. ومن هذا المنطلق، رأت أن دور المربي لا يقتصر على تقديم الدروس والامتحانات، بل يتعداه إلى رسالة سامية أساسها دعم التلاميذ معنويًا وماديًا عند الحاجة، وغرس الأمل في نفوسهم.
خطوة هذه المعلمة سلطت الضوء من جديد على معاناة آلاف التلاميذ في المناطق الداخلية، حيث تفتك البطالة وغلاء المعيشة بقدرة الأولياء على توفير مستلزمات الدراسة. ومع ذلك، فإن مبادرات إنسانية مثل هذه تبعث الأمل وتؤكد أن التضامن الاجتماعي ما زال حاضرًا بقوة في المجتمع التونسي، وأن الشعور بالمسؤولية تجاه الأجيال القادمة ما زال قائمًا.
ردود الفعل جاءت واسعة وإيجابية، حيث أشاد الكثيرون بشجاعة المعلمة واعتبروها مثالًا حيًا للمواطنة الصالحة ولمربٍ نذر نفسه لرسالته. كما دعا آخرون وزارة التربية والهياكل الرسمية والمجتمع المدني إلى تكثيف الجهود حتى لا يبقى أي تلميذ خارج مقاعد الدراسة بسبب ضيق الحال.
إن ما قامت به معلمة القصرين يختزل معنى العطاء في أبهى صوره: أن تضحي المرأة بأغلى ما تملك، فقط لتمنح غيرها فرصة في مستقبل أفضل. فهي رسالة مؤثرة مفادها أن التعليم لا يكون إلا بالحب والتضامن، وأن ما يُزرع اليوم من خير سيؤتي ثماره غدًا في جيل يحمل نفس القيم.